جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة الصوم
صفحات بعد
صفحات قبل
( الصفحة 133 )

وأمّا الجاهل القاصر الذي لا يعلم بالحكم ، إمّا لأجل قطعه بخلافه ، أو عدم الطريق له إلى تحصيله والوصول إليه ، فقد حكم في المتن بأنّ الاحتياط المطلق يقتضي الحكم بالفساد ، وقد صرّح سيّد العروة بأنّه لا فرق في البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه والعالم (1) ، ولكن حكي عن ابن إدريس(2) الاختصاص بالعالم ، وتبعه في ذلك صاحب الحدائق مع الإصرار عليه كما قد حكي(3) .

ومنشأ الشمول للجاهل الاطلاقات الواردة في المفطريّة بضميمة أنّ الجاهل عامد قاصد ; فإنّ مقتضاها ثبوت البطلان ووجوب القضاء على الجاهل مطلقاً ولو لم يكن مقصّراً ; فإنّ عدم التقصير إنّما يؤثّر في عدم ثبوت العقاب لا في الصحّة وعدمها . نعم ، قد ذكر في مقابل الاطلاقات المذكورة روايتان :

إحداهما :موثقة زرارة وأبي بصير قالا جميعاً : سألنا أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل أتى أهله في شهر رمضان وأتى أهله وهو محرم ، وهو لا يرى إلاّ أنّ ذلك حلال له ؟ قال : ليس عليه شيء(4) .

ثانيتهما: صحيحة عبد الصمد الواردة فيمن لبس المخيط حال الإحرام جاهلاً «أيّ رجل ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه»(5) ; فإنّ مقتضى الضابطة أ نّ ارتكاب أمر محرّم ناشئاً عن الجهل مطلقاً عدم ثبوت القضاء فضلاً عن الكفّارة ، فإطلاق

  • (1) العروة الوثقى 2 : 30 ، فصل في اعتبار العمد والاختيار في الإفطار .
    (2) السرائر 1: 386 .
    (3) الحدائق الناضرة 13: 61 ـ 62  .
    (4) تهذيب الأحكام 4 : 208 ح 603 ، وعنه وسائل الشيعة 10 : 53  ، كتاب الصوم، أبواب ما يمسك عنه الصائم ب 9 ح 12 .
    (5) تهذيب الأحكام 5 : 72 ح 239 ، وعنه وسائل الشيعة 12 : 488 ـ 489 ، كتاب الحجّ، أبواب تروك الإحرام ب 45 ح 3 .

( الصفحة 134 )

الثانية بل القدر المتيقّن منها هو الجاهل القاصر ، وهو ظاهر الرواية الاُولى .

وربّما يقال في وجه علاج التعارض بينهما ، وبين تلك المطلقات الدالّة على وجوب القضاء مطلقاً من دون فرق بين العالم والجاهل : إنّ النسبة عموم من وجه ; لاختصاص المطلقات بالقضاء وإن كانت شاملة للجاهل أيضاً ، واختصاصهما بالجاهل وإن كان مقتضى الإطلاق عدم وجوب القضاء وكذا الكفّارة ، ويتحقّق بينهما التعارض في الجاهل بوجوب القضاء ، وبعد تساقط المتعارضين يرجع إلى أصالة البراءة من تقيّد الصوم بذلك ، كما هو الشأن في الدوران بين الأقلّ والأكثر .

وقد اُجيب عن ذلكبجوابين :

أوّلاً : بما يرجع إلى لزوم تقديم الإطلاقات ; لأنّ تقييد الحكم بالعلم به وإن كان أمراً ممكناً في نفسه ، بل واقعاً في بابي القصر والإتمام، والجهر والإخفات ، وقد قرّر ذلك في علم الاُصول ، إلاّ أنّه يأباه الفهم العرفي ولا يساعد عليه أصلاً .

وثانياً : قصور الروايتين عن الإطلاق الشامل للقضاء أيضاً ، بل تختصّان بنفي الكفّارة فقط . أمّا الصحيحة فالأمر فيها واضح ; ضرورة أنّ لبس المخيط لايستوجب بطلان الحجّ ليحتاج إلى القضاء حتى في صورة العلم والعمد ، بل غايته الإثم والكفّارة ، فهو تكليف محض .

إن قلت : إنّ التأمّل في الصحيحة صدراً وذيلاً يشهد بأنّها ناظرة إلى نفي فساد الحجّ الذي أفتى به العامّة ، وأنّه ليس عليه الحجّ من قابل ، كما أنّه ليس عليه بدنة ، فهي مسوقة لنفي كلا الحكمين لدى الجهل بمقتضى الضابطة المذكورة فيها .

قلت : الصحيحة وإن كانت مسوقة لنفي الفساد الذي أفتى به العامّة ، إلاّ أنّه لايحتمل أن يكون نفي الفساد فيها من آثار الجهل ومتفرّعاً عليه ; لما عرفت من الصحّة ولو مع لبس المخيط عامداً عالماً بلا خلاف فيه ولا إشكال ، فيعلم من هذه

( الصفحة 135 )

القرينة الواضحة أ نّ نظره (عليه السلام) في الضابطة الكلّية إلى نفي الكفّارة فقط ، ولا نظر له إلى عدم وجوب القضاء .

وأمّا الموثقة ـ بل وكذا الصحيحة لو لم يتمّ ما ذكرناه فيها ـ ; فلأنّ المنفي في ظرف الجهل إنّما هو الأثر المترتّب على الفعل لا ما يترتّب على الترك ، ومن المعلوم أنّ الأثر المترتّب على الإفطار إنّما هي الكفّارة فقط . وأمّا القضاء ، فهو من آثار ترك الصوم وعدم الإتيان به في ظرفه على وجهه ، وهو أثر للعدم لا للوجود . نعم ، لأجل الملازمة بين الأمرين ـ أعني الإفطار وترك الصوم ; لأنّهما ضدّان لا ثالث لهما  ـ صحّ إسناد أثر أحدهما إلى الآخر مجازاً وبنحو العناية ، فيقال : إنّ الإفطار موجب للقضاء مع أ نّ الموجب لازمه ، وهو ترك الصوم ، والصحيحة مفادها أنّه لا شيء عليه من ناحية ركوبه الأمر بجهالة ، وذلك الأثر هو الكفّارة المترتّبة على الإفطار .

وأمّا القضاء فهو من آثار ترك الصوم ، إذن فالروايتان إنّما تنفيان الآثار المترتّبة على الفعل ، ولا نظر لهما إلى بقيّة الآثار المترتّبة على ملازم هذا الفعل ، فلا تعارض حتى تصل النوبة إلى تساقط الإطلاقين والرجوع إلى الأصل العملي .

وقد أوضح المجيب(1) هذا الجواب بكلام طويل لا حاجة فعلاً إلى بيانه ولو مع التلخيص .

وأنت خبير بأنّه يمكن المناقشة في الجواب الثاني الذي هو المهمّ من الجوابين  ; أنّه لا ينبغي الارتياب في كونها مسوقة لبيان نفي وجوب القضاء في قبال من يفتي منهم بوجوبه ، وهذا الأمر الذي اعترف بأنّه متسالم عليه بين الأصحاب قد استفيد

  • (1) المجيب هو السيّد الخوئي (قدس سره) في المستند في شرح العروة 21 : 270 ـ 275 .

( الصفحة 136 )

من مثل الرواية ، وإلاّ فأيّ دليل على عدم وجوب القضاء ، والعلّة المذكورة فيها إنّما هي للإرشاد إلى مخالفتهم وعدم الموافقة لهم في وجوب القضاء ; وهي مشتملة على نكتة العدم، وسرّ بطلان الفتوى بالوجوب مع كون المورد ركوب الأمر بجهالة . نعم ، لا مانع من استفادة نفي وجوب الكفّارة أيضاً .

وما اُفيد في الذيل من أ نّ الإسناد المجازي يقتضي جواز الإسناد إلى الفعل ، فهو أمر عقليّ لا عقلائيّ يصحّ الاتّكال عليه ، إذن فالظاهر ثبوت التعارض ولزوم تقديم الإطلاقات لاستناد المشهور إليها ، فاللازم الحكم بما في المتن ، غاية الأمر وضوح الحكم المذكور بالإضافة إلى الجاهل المقصرّ ، وأمّا الجاهل القاصر فالحكم بالإضافة إليه غير واضح ، فلا يترك الاحتياط فيه ، وذكر في المتن بعده أ نّ من أكل عامداً بظنّ فساد صومه وعدم حرمة الأكل عليه من ناحية الصوم فهو عامد ، والسرّ فيه كونه في أكله عامداً ، غاية الأمر أنّ الداعي إليه والمحرّك هو ظنّ الفساد الذي انكشف خلافه ، ولا يقدح ذلك في الصدق المذكور .

المقام الثاني : أ نّ المقهور المسلوب عنه الاختيار كالموجر في حلقه لا يبطل به صومه بخلاف المكرَه ، أمّا عدم البطلان في الفرض الأوّل فوجهه واضح ; لأنّه مع القهر الكذائي لا يسند الفعل إليه حتّى يتّصف بالمفطريّة . وأمّا البطلان في الفرض الثاني ; فلأ نّ المكره ـ بالفتح ـ إنّما يفعل باختياره وإرادته ، غاية الأمر أنّ المحرّك له عليه هو التوعيد الصادر من المكرِه بالكسر ، فهو فاعل اختياراً فراراً عن الوعيد ، وإلاّ فمن الواضح أنّه لا يوجب سلب الاختيار عنه وإن كان مع عدم الإكراه لا يختار الفعل أصلاً .

المقام الثالث : في حكم التقيّة ، وفيها صور :

الاُولى : ما إذا ارتكب تقيّة ما لا يراه للناس مفطراً ، ولا يفتي علماؤهم

( الصفحة 137 )

المتصدّون للفتوى ببطلان الصّوم معه ، كالارتماس في الماء وبعض المفطرات الاُخر ، وفي هذه الصورة حكم بصحّة الصوم مع الأمر الكذائي ، ولازمه عدم وجوب القضاء عليه ، ولكن أطلق السيّد في العروة بطلان الصوم مع الإفطار تقيّة ، فقال : إذا أفطر تقيّة من ظالم بطل صومه (1)، انتهى . وهو البادئ في النظر ; نظراً إلى أنّ التقيّة ترفع الحكم التكليفي وتنقلب الحرمة إلى الجواز ، بل إلى الوجوب . وأمّا بطلان الصوم فهو باق بحاله ; لأنّه لم يأت بالمأمور به على وجهه طبقاً لمذهبه الذي هو مذهب أهل البيت (عليهم السلام)  ، فاللازم القضاء لأدلّته .

والتحقيق في المقام أن يقال: إنّه لا ينبغي الإشكال في صحّة جملة غير قليلة من العبادات مع صدورها تقيّة ، كالصلاة والوضوء، بل الحجّ الذي ذكرنا في كتاب الحجّ(2) أنّ الأئـمّة (عليهم السلام) كانوا يحجّون مع الناس طبقاً لحكم قضاتهم برؤية الهلال ، فكانوا يرتّبون آثار عيد الأضحى على يوم كانوا يرونه عيداً ، واستمرّ هذا الأمر حدود مائتين سنة تقريباً من دون إشعار منهم بوجوب القضاء على شيعتهم ، وكانت الشيعة بل جمع من أنفسهم (عليهم السلام) مجبورين بالصلاة معهم جماعة مع الاختلاف العظيم بيننا وبينهم من جهات مختلفة، ولم ينقل منهم الإعادة أو إعلام الشيعة بذلك.

بل ذكرنا في رسالة مختصرة كتبناها في التقيّة المداراتيّة(3) سابقاً عدم وجوب الإعادة أو القضاء مع وجودها، فضلاً عن التقيّة الاضطراريّة الجائزة لدفع الخطر الاحتمالي عن النفس، فهل لا يستفاد من مجموع ذلك صحّة العمل العبادي مطلقاً

  • (1) العروة الوثقى 2 : 31 مسألة 2463 .
    (2) تفصيل الشريعة في شرح تحرير الوسيلة، كتاب الحجّ 5:106
    (3) تقيّه مداراتى: 17 ـ 22.